دفن المعارض الروسي أليكسي نافالني بحضور الآلاف من أنصاره
دفن المعارض الروسي أليكسي نافالني بحضور الآلاف من أنصاره
جرت مراسم دفن المعارض الروسي أليكسي نافالني، الجمعة، في موسكو، في حضور الآلاف من أنصاره الذين خاطروا باحتمال تعرّضهم للتوقيف.
وهتف أنصاره الذين حضروا بأعداد كبيرة حاملين الزهور، "لا للحرب!"، "لن ننساك!"، و"لن نغفر"، فيما بكى بعضهم، وفق وكالة فرانس برس.
وسُجّي جثمان أبرز معارضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لفترة وجيزة في الكنيسة بحضور والديه، حيث عُرض في نعش مفتوح تماشياً مع الطقوس الأرثوذكسية، بينما غطّته زهور حمر وبيض، وحمل الحاضرون شموعاً، وفقاً لمراسلي وكالة فرانس برس الذين أشاروا إلى أنّه دُفن بعد ذلك في مقبرة بوريسوفو في جنوب شرق العاصمة.
وخلال الدفن، أُطلقت الموسيقى التصويرية لفيلم "تيرمينايتور 2" (Terminator 2) الذي وصفه نافالني بأنّه "أفضل فيلم على الإطلاق"، حسب ما أفادت الناطقة باسم فريقه كيرا إيارميش.
ووصلت السيارة التي تحمل النعش وسط تصفيق الناس الذين كانوا يصطفون على طول الشارع المؤدي إلى الكنيسة، حيث تجمّع حشد من آلاف الأشخاص، مشكّلين طابوراً طويلاً جداً.
كما نشرت قوات مكافحة الشغب بأعداد كبيرة ووضعت حواجز في المنطقة.
وأفادت مجموعة مراقبة حقوق الإنسان أو في-إنفو، بأنّ الشرطة الروسية أوقفت "128 شخصا على الأقل في 19 مدينة" في مختلف أنحاء روسيا، خلال تجمعات لتكريم نافالني.
وكان الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف حذّر من أيّ تظاهرات "غير مرخّصة" خلال الجنازة. وقال خلال مؤتمره الصحفي اليومي إنّه ليس لديه "ما يقوله" لأسرة نافالني.
من جهته، أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة بـ"شجاعة" الروس الذين حضروا مراسم الجنازة رغم خطر التوقيف.
وكتب على منصة إكس "الذهاب لتكريم أليكسي نافالني كان يتطلّب شجاعة. آلاف الروس تحلّوا بها. إرثه موجود. ذكراه مؤبدة".
كذلك، كتب المستشار الألماني أولاف شولتس على المنصة نفسها "دفع أليكسي نافالني حياته ثمنا لنضاله من أجل الديمقراطية والحرية. بعد وفاته، يواصل الروس الشجعان حمل إرثه: لقد حضر عدد كبير منهم الجنازة اليوم وأخذوا مجازفة كبيرة من أجل الحرية".
رسالة وداع
وفي رسالة وداع نشرتها على مواقع التواصل الاجتماعي، شكرت يوليا نافالنايا زوجها الراحل على "هذه السنوات الـ26 من السعادة المطلقة".
وقالت "لا أعرف كيف سأعيش من دونك، لكنّني سأبذل قصارى جهدي للتأكد من أنّك سعيد وفخور بي"، مضيفة "أحبّك إلى الأبد".
وكتبت ابنته داشا على إنستغرام "أبي، كنت دائما وستبقى إلى الأبد قدوة لي وبطلي".
وكان نافالني (47 عاماً)، المعارض البارز للكرملين والناشط في مجال مكافحة الفساد، توفي في 16 فبراير في سجن في دائرة القطب الشمالي النائية في ظروف غامضة. واتهم معاونوه وأرملته والغرب، بوتين بالمسؤولية عن وفاته، وهو ما ينفيه الكرملين.
وبعد تأخير استمر أكثر من أسبوعين، سلّمت السلطات الروسية جثمانه في نهاية الأسبوع الماضي لأقاربه وسمحت بإقامة الجنازة.
وحضرت السفيرة الأمريكية والسفيران الفرنسي والألماني الجنازة، إضافة إلى 3 شخصيات معارضة لا تزال طليقة، هم يفغيني رويزمان وبوريس نادجدين وإيكاترينا دونتسوفا.
وقال ماكسيم، وهو متخصص في تكنولوجيا المعلومات يبلغ 43 عاماً "لا أرى أي أمر غير قانوني بالقدوم لوداع رجل عظيم".
من جهته، أشاد دينيس (26 عاماً) برجل دفعه إلى "الاهتمام بالسياسة" في ظل نظام يزداد استبدادا، حيث لا يهتم الشباب عموماً بالقضايا السياسية.
ومنذ تسليم جثمان نافالني لوالدته السبت، كان فريقه يبحث عن مكان لتنظيم "وداع عام" لكن كل الطلبات "رفضت"، ما دفعه إلى اتهام السلطات بالضغط على المعنيّين في هذا المجال.
مواصلة المسيرة
مع ذلك، دعا فريق نافالني سكان موسكو للحضور وتوديعه، كما دعا أنصاره في مدن أخرى وفي الخارج إلى التجمّع أمام نُصب تذكارية لتكريمه. ولبّى مئات في لندن وبرلين وباريس وبلغراد الدعوة.
وتشكّل التجمّعات في روسيا مصدر إزعاج للسلطة، خصوصا أنّها تأتي قبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية المقرّرة من 15 إلى 17 مارس، ويفترض أن تمدّد عهد بوتين.
منذ وفاة نافالني، أوقفت السلطات 400 شخص شاركوا في تجمّعات لتكريم ذكراه، حسب منظمة "أو في دي-إنفو".
قبل تسميمه عام 2020 في عملية ألقي اللوم فيها على بوتين، واعتقاله والحكم عليه بالسجن 19 عاماً بتهمة "التطرف"، تمكّن نافالني من حشد عدد كبير من المناصرين، خصوصاً في العاصمة الروسية.
لكن تمّ تفكيك حركته التي بُنيت على تحقيقات تدين فساد النخب الروسية بشكل منهجي في السنوات الأخيرة، ما أدى إلى إرسال العديد من مناصريها إلى السجن أو إلى المنفى.
بعد وفاة زوجها، تعهّدت يوليا بمواصلة المسيرة.